مقال خاص

بعد 7 أعوام من حادثة 11 س&a

Ahad, 14 September 2008 | 07:56 WIB

م يعد يجادل إلا القليلون في أن الولايات المتحدة الأمريكية خسرت خسارة كبيرة، إن لم نقل هُزمت بمفهوم العجز عن تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، عبر ما أسمته حربا على الإرهاب، ومارست خلاله مختلف أنواع الإرهاب، عسكريا، وسياسيا، وفكريا، وإعلاميا، وهتكا لحقوق الإنسان، ففقدت الكثير من مكانتها الدولية، وأسقطت بقايا أقنعة التمويه عن كثير من علاقات الهيمنة والتبعية مع كثير من الأنظمة، فضلا عن مئات المليارات التي أنفقت، ومعالم الانهيارات المتعددة على الصعيد الاقتصادي والمالي.

ولك&<>amp;#1606; هذه الخسارة الأمريكية لا تعني تحقيق مكاسب للطرف الآخر بصورة تلقائية، سواء كان الطرف الآخر منظمات إرهابية أشعلت الفتيل عبر تفجيرات نيويورك وواشنطن، اعتمادا على نفسها أو حتى بالتعاون مع جهات ذات مآرب أخرى داخل الحدود الأمريكية، أو كان المقصود بكلمة الطرف الآخر هو العالم الإسلامي بدوله وأنظمته وشعوبه، بما في ذلك البلدان المستهدفة أمريكيا أكثر من سواها.

التضييق على الإسلام في الغرب

من الأصل لا يمكن تعميم حسابات الخسائر والمكاسب في مسلسل الأحداث المتوالية على طرف دون آخر، إنما هي الحصيلة التي تتحدد من خلال الموازنة، الآنية وعلى المدى البعيد. وبهذا المقياس لا تبدو هذه الحصيلة سلبية بالنسبة إلى المسلمين ومستقبل الوجود الإسلامي في ديار الغرب، إنما لا تظهر معالم هذه الحصيلة بصورة مستقرة قبل مضي فترة من الزمن، ربما بلغت جيلا كاملا، فضلا عن ترجيح اختلافها من بلد إلى بلد، وفضلا عن اختلافها أيضا ما بين المنطقة الأوروبية والمنطقة الأمريكية من العالم الغربي.

ولا يتسع المجال لطرح مختلف مواطن الخسائر والمكاسب والموازنة بينها للخروج بصورة قريبة من الواقع لحصيلة السنوات الماضية، فلا بد من الاقتصار على بعض الميادين كأمثلة نموذجية.

في مقدمة الخسائر الظاهرة للعيان أن عملية التضييق على الإسلام وعلى تنامي الوجود الإسلامي في الغرب، والتي بدأت من قبل تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001، قد تسارعت خطاها وتكثفت إلى حد كبير خلال السنوات السبع الماضية، وكان من أبرز مظاهرها ما يوصف بالقوانين الاستثنائية، التي لم يعد يخلو بلد غربي منها على تفاوت الدرجات. والخطر الحقيقي في هذه القوانين أن كثيرا منها اتخذ على صعيد صياغته ثم في تطبيقاته العملية صبغة استغلال عنوان مكافحة الإرهاب، للتضييق على الوجود الإسلامي نفسه، لا سيما بعد ازدياد أعداد معتنقي الإسلام، وهذا ما شمل على سبيل المثال أنشطةً كان المسلمون يمارسونها كسواهم من أهل البلاد الغربية، كجمع التبرعات لأغراض خيرية، فباتت حجة تجفيف منابع تمويل الإرهاب مدخلا إلى حظر كثير منها، وهذا دون الوصول بدليل قاطع إلى انطباق تلك الحجة عليها.

والأهم من ذلك أن مجرد إثارة الشبهة حول بعضها، أساء إلى سمعتها جميعا دون تمحيص، وبات بدوره ذريعة لسلب المسلمين حقوقهم في ميادين أخرى، بداية من ابتكار شروط جديدة للترخيص بالمساجد والمصليات مع مضاعفة رقابتها ورقابة "حرية الكلمة" عبر الخطب واللقاءات فيها، انتهاء بتحريم بعض الفروع الدراسية على المسلمين.

وعملية إساءة السمعة نتيجة الشبهة أو نتيجة حملات أمنية وإن لم توصل إلى أي إدانة قضائية، كافية لتكون مادة للتضليل الإعلامي، وبالتالي لتمرير المزيد من التضييق أمام الرأي العام، فليس من السهل على المواطن الغربي التمييز بين الشبهة والإدانة، والافتراء والحقيقة، لا سيما وأن الإعلام الغربي لعب دورا مضللا عن طريق الربط بين كلمة الإرهاب و"النشاط الإسلامي".
هنا نرصد إلى جانب الحملة ضد الإسلام نفسه، حملات متوالية لنشر صورة نمطية تجاوزت حدود ما سبقها، إذ قامت على التمييز بين "المسلم" و"الإسلامي" وطرح الكلمتين كما لو كانتا مترادفتين مع "معتدل" و"متطرف"، على غرار الصورة النمطية المعروفة قبل فترة من الزمن، فلم يعد يوجد في الطرح الإعلامي الغربي -إلا نادرا- "إسلاميون معتدلون" وقلة من "إسلاميين متطرفين"، بل باتت صفة "الإسلامي" تستخدم عموما وكأنها مرادفة لصفة المتطرف والإرهابي.